سيمون هاريس.. أصغر رئيس وزراء إيرلندي أمام مهمة استعادة ثقة الناخبين



عندما صدم ليو فارادكار حزبه والبلاد بالاستقالة من منصب رئيس وزراء إيرلندا، قبل أيام، بدا أن هناك سياسياً واحداً فقط على استعداد لاغتنام اللحظة، إنه سيمون هاريس.

ما يقال الآن عن هاريس (37 عاماً)، أنه كان «شاباً في عجلة من أمره»، وأنه سيكون أول «رئيس وزراء تيك توك» في إيرلندا، كلاهما صحيح وضروري، لفهم السبب وراء فوز هاريس بشكل مقنع بالسباق، ليصبح زعيماً لحزب «فاين غايل» الحاكم، وقريباً أول رئيس وزراء لإيرلندا من جيل الألفية.

ووفقاً لتقديره الخاص، فقد تسلق هاريس السلم السياسي «بشكل أسرع بكثير مما كنت أتوقع». وفي الشهر المقبل، عندما ينتخبه المشرعون رسمياً رئيساً للوزراء، سيصبح هاريس أصغر رئيس وزراء لإيرلندا على الإطلاق. وتأكد فوزه عندما لم يتنافس أي مرشح آخر ضده، ما حوّل المنافسة على خلافة فارادكار، الذي استقال دون سابق إنذار يوم الأربعاء، إلى سباق حصان واحد انتهى يوم الأحد.

لطالما وصف الزملاء والنقاد السياسيون مُشرّع مقاطعة ويكلو الشجاع، بأنه رئيس وزراء البلاد المستقبلي، بفضل مهاراته الخطابية والاستماعية الحادة، فضلاً عن طاقته الإيجابية وأخلاقيات العمل. وقد تم تعريفه بالفعل بأنه سياسي بالفطرة عندما كان مراهقاً، حيث نشأ في بلدة ساحلية جنوب دبلن، وهو ابن سائق سيارة أجرة، وأم من ذوي الاحتياجات الخاصة.

عندما كان سيمون في الـ15 من عمره، كان يوزع منشورات من باب إلى باب لأحد المشرعين المحليين، وسرعان ما كان ينظم بنفسه اجتماعاته المجتمعية الأولى. وفي سن الـ18، بدأ هاريس العمل كمساعد برلماني داخل لينستر هاوس، وبعد مرور عام، فاز بانتخابات مجلسين محليين، وترك الجامعة، ليدخل الحياة السياسية بدوام كامل.

عندما كان في الـ24 من عمره، كان يمثل مقاطعته الأصلية (ويكلو) في الغرفة السفلى بالبرلمان الإيرلندي، المكون من مجلسين. وقد حقق «فاين غايل» للتو أكبر انتصار انتخابي له. وفي خطابه الأول، حصل هاريس على شرف ترشيح لزعامة الحزب، ليكون رئيس الوزراء الإيرلندي التالي.

عندما عانى «فاين غايل» خسائر انتخابية كبيرة في عام 2016، تمكن هاريس من البقاء في حكومة أقلية هشة، وتم دفعه إلى أصعب منصب وزاري، وهو الصحة. وفي حين أن أداء السياسي الشاب لم يكن أفضل من أسلافه في تحقيق نتائج ملموسة، إلا أنه أظهر إعجابه بوسائل التواصل الاجتماعي، ما جعله على ما يبدو محصناً ضد الضرر السياسي في منصب يكافح فيه الاضطرابات العمالية، وممرات المستشفيات المزدحمة، وقوائم الانتظار الطويلة، وتجاوز الكُلف، وفضائح سوء الممارسة.

منافس محتمل

ما ساعد هاريس كوزير للصحة أنه بدأ مسيرته السياسية في سن المراهقة من خلال المطالبة بدعم حكومي أفضل للأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة، وقد كان شقيقه الأصغر، آدم، يعاني التوحد.

عندما أصبح فارادكار زعيماً لحزب «فاين غايل» ورئيساً للوزراء في عام 2017، احتفظ هاريس بحقيبة الصحة على الرغم من دعمه لمنافس فارادكار، سيمون كوفيني، وعلى الرغم من أن فارادكار قد ربط هاريس بالفعل كمنافس محتمل.

وفي ذلك العام، تزوج هاريس من كاويمهي واد، صديقته القديمة والممرضة في مستشفى دبلن للأطفال. واستقرت العائلة في منزل طفولته في غرايستونز، وهو أحد أغنى المجتمعات في إيرلندا، ويضم أغلى العقارات خارج دبلن.

وأنجب الزوجان فتاة وصبياً، وقد تم توثيق كل ذلك في الصحف الشعبية، بمساعدة منشورات هاريس الخاصة على وسائل التواصل الاجتماعي. إنها سمة أساسية لهاريس السياسي: سهولة دمج الشخصي والسياسي على صفحاته النشطة على وسائل التواصل الاجتماعي، بما في ذلك «فيس بوك» و«إنستغرام» وخصوصاً «تيك توك».

أثبت ارتياحه لوسائل التواصل الاجتماعي، أنها قاعدة قوية لمشاركة الناخبين، عندما قام فارادكار، بعد انتخابات عام 2020 التي تركت حزب «فاين غايل» الضعيف يتعثر في حكومة ائتلافية جديدة مكونة من ثلاثة أحزاب، بتخفيض رتبة هاريس إلى منصب وزاري من الدرجة الثانية يشرف على التعليم من المستوى الثالث.

وخلال هذه الفترة، كان هاريس يسافر أسبوعياً من حرم جامعي إلى حرم جامعي، ويدون ويلتقط صور سيلفي في جميع أنحاء البلاد، ويبني صورة كمشرع أكثر ارتباطاً بمخاوف المراهقين والشباب في العشرينات من العمر الذين يكافحون من أجل تكوين أسر، وشراء منازل.

وبينما يستعد هاريس ليصبح رئيساً للوزراء، يقترب عدد متابعيه على «تيك توك» من 100 ألف، أي أكثر من 10 أضعاف حساب حزبه. وكالعادة، في آخر مشاركة له، يتحدث هاريس مباشرة أمام الكاميرا، ويشكر مئات الآلاف من مشاهديه على «صداقتهم»، ويشير إلى نشاطه السياسي الأول «كمراهق متقلب المزاج ومتعصب».

تحقيق الأهداف

يطرح هذا الموعد النهائي الذي يلوح في الأفق السؤال التالي: هل سيكون هاريس بمثابة وميض في رئاسة الوزراء، أم أنه يستطيع قيادة «فاين غايل» ضد احتمالات الاقتراع لانتخاب حكومة رابعة على التوالي؟ ويأمل معظم المشرعين في الحزب الذين دعموه أن يحقق الزعيم الجديد أهدافه، على الرغم من العدد المثير للدهشة من المشرعين الذين أعلنوا بالفعل اعتزالهم السياسة في نهاية الولاية.

من المفترض أن تسجل استطلاعات الرأي في الأسابيع المقبلة، ما إذا كان «فاين غايل» سيحقق انتعاشاً ومكاسب كبيرة، بعد الاستعاضة عن فارادكار بهاريس، الذي يخطط لسلسلة من الفعاليات واللقاءات مع الناخبين، وجهاً لوجه، في جميع أنحاء البلاد، قبل المؤتمر السنوي للحزب، في السادس من أبريل، في مدينة غالواي الجامعية الغربية، وسيتم انتخابه رئيساً للبلاد في التاسع من أبريل عندما يعود البرلمان للانعقاد بعد عطلة عيد الفصح.

وفي ظل الوضع الراهن، يواجه حزب «فاين غايل» معركة شاقة، لاستعادة الناخبين الذين فُقدت أصواتهم منذ عام 2011، والكثير منها لمصلحة المشرعين المستقلين في المناطق الريفية، مع تحول الحزب إلى اليسار في تحالف مع شركاء في الائتلاف من الليبراليين في معظمه.

الأكثر شعبية

إن التحدي الأكبر الذي سيواجه إعادة انتخاب «فاين غايل» سوف يتمثل في الـ«شين فين»، وهو الحزب الجمهوري الإيرلندي الذي كان صاحب جذور قوية ذات يوم في أراضي المملكة المتحدة المجاورة، في إيرلندا الشمالية، لكنه الآن الحزب الأكثر شعبية جنوب الحدود أيضاً. وفاز حزب الـ«شين فين» بأكبر عدد من الأصوات في انتخابات عام 2020، لكنه لم يقدم عدداً كافياً من المرشحين للاستفادة من هذه الأرقام، وهو خطأ من المؤكد أنه لن يتكرر.

وفي حين أن الشريك الرئيس في الائتلاف الحالي، «فيانا فايل»، لم يغلق الباب تماماً أمام شراكة محتملة بعد الانتخابات مع الـ«شين فين»، إلا أن هاريس جعلها واحدة من أوائل أعماله السياسية.

وفي خطاب ألقاه أمام أنصار الحزب في عطلة نهاية الأسبوع، لقي هاريس أقوى جولة من التصفيق، عندما رسم خطاً أحمر بين حزبه والـ«شين فين»، مشيراً إلى أن الأخير لم يقطع أبداً علاقاته مع الجيش الجمهوري الإيرلندي المحظور، وذكر كيف أنه قبل أيام قليلة فقط، تلقى قاتل شرطي مدان من الجيش الجمهوري الإيرلندي، وداعاً شبه عسكري، وكيف تم لف نعشه بالعلم الوطني الإيرلندي.

• كان هاريس يسافر أسبوعياً من جامعة إلى جامعة، ويُدون ويلتقط صور سيلفي في جميع أنحاء البلاد.

• يواجه حزب «فاين غايل» معركة شاقة لاستعادة الناخبين الذين فُقدت أصواتهم منذ عام 2011.

This website uses cookies to improve your experience. We'll assume you're ok with this, but you can opt-out if you wish. Accept Read More