مهاجرون أفارقة يبعثون الحياة في ركن منسي من مدينة كندية


منذ وقت ليس ببعيد، كانت هناك حفنة من المهاجرين الأفارقة في مدينة روين نوراندا، وهي مدينة نائية في شمال كيبيك، يعرف بعضهم بعضاً، وكانت هناك امرأة نيجيرية متزوجة منذ فترة طويلة من رجل كيبيكي. وهناك أيضاً مواطنان من الكاميرون وساحل العاج، وبالطبع الكيميائي الكونغولي إيمي بينجي الذي صنع لنفسه اسماً للمرة الأولى وهو يقود سيارة زامبوني في مباريات الهوكي.

اليوم، أصبح القادمون الجدد من إفريقيا موجودين في كل مكان، في الشوارع، ومحال السوبر ماركت، والمصانع، والفنادق، وحتى في نادي الملاكمة الموجود في قبو الكنيسة. وتغيرت روين نوراندا تماماً في أعقاب موجة من المهاجرين الذين سمحت لهم كندا بالدخول كعمال مؤقتين في السنوات الأخيرة، لمعالجة النقص في العمالة على نطاق واسع. وقد تمكن الكثيرون منهم في نهاية المطاف من تحويل وضعهم المؤقت إلى إقامة دائمة، وهي الخطوة الأخيرة قبل الحصول على الجنسية.

وأثار تدفق المهاجرين المخاوف من حدوث أزمة في الإسكان بالبلاد، وضغط على الخدمات العامة في بعض المناطق، ما دفع حكومة رئيس الوزراء، جاستن ترودو، إلى الإعلان عن خطط لكبح جماح أعدادهم. وقد أدت هذه الزيادة إلى خلق مجتمعات إفريقية في أماكن غير متوقعة في مقاطعة كيبيك الناطقة بالفرنسية. ويعمل البعض منهم في قطع الأشجار في الغابات الشمالية، والبعض الآخر، بعد حصولهم على الإقامة الدائمة أو المواطنة، أصبحوا موظفين حكوميين في مدن السكان الأصليين، التي لا يمكن الوصول إليها إلا عن طريق القوارب أو الطائرات المروحية الصغيرة. وفي حين عاش المهاجرون الأفارقة فترة طويلة في المدن الكبرى بالمقاطعة، فإن الوافدين الجدد يشكلون ظاهرة حديثة في المناطق الريفية.

وبسبب شيخوخة السكان، وانخفاض معدلات المواليد، اجتذب نقص العمالة الكثيرين من إفريقيا الفرانكوفونية إلى كيبيك، بما في ذلك مدينة روين نوراندا، وهي مدينة تعدين تضم 42 ألف شخص، وتقع على بعد نحو 90 دقيقة شمال مونتريال – بالطائرة. وفي جميع أنحاء كندا، ارتفع عدد المقيمين المؤقتين، وهي فئة تشمل العمال الأجانب، وأيضاً الطلاب الأجانب وطالبي اللجوء، في السنوات الأخيرة. وقد تضاعف العدد في العامين الماضيين وحدهما إلى 2.7 مليون نسمة، من إجمالي تعداد سكان كندا البالغ 41 مليون نسمة.

وركزت سياسة الهجرة الكندية تقليدياً على جذب المهاجرين ذوي التعليم العالي والمهارات، لكن العديد من العمال الأجانب المؤقتين يتم توظيفهم الآن من قبل الشركات في وظائف تتطلب مهارة أقل في التصنيع وصناعة الخدمات، ما يثير الجدل حول ما إذا كانوا سيسهمون بقدر كبير في الاقتصاد الكندي، كما فعل المهاجرون السابقون. ويتكون عدد السكان الأفارقة الصغير في روين نوراندا من أفراد تم تعيينهم في مناصب فنية في صناعة التعدين أو كباحثين في الجامعة المحلية. ويقول مدير منظمة لا موزاييك، فالنتين برين، وهي منظمة خاصة تساعد المهاجرين الجدد «كان لدينا أساتذة ومهندسون، ولكن بعد ذلك كان هناك تحول كبير».

وتقول مديرة مركز التنمية المحلية، مارييف مينيولت، ذراع التنمية الاقتصادية في المدينة، إن هذا التحول حدث جزئياً بسبب قرار حكومة المدينة في عام 2021 ببذل الجهود لمساعدة الشركات المحلية على توظيف العمال الأجانب. وتضيف مينيولت «كانت شركاتنا تعاني نقصاً كبيراً في العمال، ما أدى إلى تباطؤ التنمية الاقتصادية في روين نوراندا».

وتقول تاتيانا غابريش، التي تشرف على فندقي الشركة، إنه بالنسبة لشركة جي فايف، وهي شركة مملوكة لعائلة تمتلك وتدير الفنادق والمطاعم في المدينة، فإن عدد العمال المحليين يتقلص منذ سنوات، فقد أصبح الشباب أكثر انجذاباً إلى وظائف التعدين ذات الأجور المرتفعة. وتسترسل غابريش أن من المتوقع قريباً أن يشكل المهاجرون، ومعظمهم من كولومبيا، نحو 10% من القوة العاملة في الشركة، البالغة 200 شخص، مضيفة أنهم ساعدوا الشركة على الاستمرار، دون القلق المستمر بشأن نقص الموظفين.

من الصعب العثور على أرقام دقيقة، ولكن يُعتقد أن الأفارقة يشكلون أكبر مجموعة من العمال الأجانب المؤقتين في المدينة. ويوجد الآن نحو 4000 إلى 4500 عامل أجنبي مؤقت في مدينة روين نوراندا، بعد زيادة حادة منذ عام 2021، وفقاً لمركز التنمية المحلية.

عندما وصل إيمي بينجي إلى المنطقة قادماً من جمهورية الكونغو الديمقراطية في عام 2008، كان الأفارقة قليلين للغاية، لدرجة أنهم استطاعوا في وقت قصير أن يتعرفوا جميعاً على بعضهم بعضاً. ويقول بينجي «إذا صادفت أحداً من الأفارقة، فستتبادلان أرقام الهواتف على الفور، ثم يتصل بعضكما ببعض للقاء لتناول القهوة»، مضيفاً «لقد كنا مثل العائلة الواحدة في ذلك الوقت».

ومع خلفيته في الكيمياء، جاء بينجي للعمل في شركة تعدين، لكنه تولى أيضاً وظائف غريبة، بما في ذلك تشغيل نادي زامبوني في مباريات الهوكي في بلدة شمال روين نوراندا، الأمر الذي لفت الكثير من الاهتمام، وساعده على التعرف إلى الناس.

واليوم، يصل العمال المؤقتون من إفريقيا في كثير من الأحيان كجزء من «مشروع عائلي»، كما قال محمد ميتي، من ساحل العاج، الذي يحصل على درجة الدكتوراه في هندسة التعدين في روين نوراندا. وبدعم من عائلاتهم الممتدة، يأتي كثيرون عادة إلى كيبيك بموجب عقود لمدة عامين مع صاحب عمل واحد.

وفوجئ سودجي وسينو، بعد شرائهما مطعم شيز موراس، بأن وسائل الإعلام نشرت الخبر بشكل مكثف. وقالت إذاعة كندا العامة: «إن حقبة جديدة بدأت في شيز موراس». ووصفت صحيفة ذا جلوب آند ميل كيف «أنقذ المهاجرون من بنين طبقاً شهيراً في إحدى مدن كيبيك»، وقالت صحيفة لو ديفوار ببساطة إن «أفضل طبق بوتيني في العالم هو الآن في ذلك المطعم». وتقول سينو: «لم نتوقع أبداً مثل هذه المفاجأة، لكن للأسف لم يكن لدينا الوقت للاستمتاع بهذه الأخبار أو حتى التفكير فيها. لقد كنا مشغولين للغاية بالعمل».

• أثار تدفق المهاجرين المخاوف من حدوث أزمة في الإسكان بالبلاد، وضغط على الخدمات العامة في بعض المناطق، ما دفع حكومة رئيس الوزراء، جاستن ترودو، إلى الإعلان عن خطط لكبح جماح أعدادهم.

• من الصعب العثور على أرقام دقيقة، ولكن يُعتقد أن الأفارقة يشكلون أكبر مجموعة من العمال الأجانب المؤقتين في المدينة. ويوجد الآن نحو 4000 إلى 4500 عامل أجنبي مؤقت في مدينة روين نوراندا.


طبق البوتين الشهي

أصبح البوتين، وهو مزيج السعرات الحرارية من البطاطس المقلية المغطاة بخثارة الجبن والمرق، طبق كيبيك المميز في جميع أنحاء العالم. ووصل إلى منطقة روين نوراندا في السبعينات، بعد أن اكتشفته عائلة موراس، وهي العائلة المالكة السابقة لمطعم شيز موراس، حسبما يقول كريستيان موراس. ونشأت أجيال وهي تتناول هذا الطبق في مطعم شيز موراس، ما عزز مكانته في تاريخ المدينة وثقافتها.

عندما قرر موراس التقاعد في عام 2022، فكر في العديد من عروض الشراء. وبغض النظر عن العروض المقدمة من كيبيك لصالح الزوجين، سودجي وسينو، القادمين من غرب إفريقيا، يقول موراس إن سودجي كان يعمل لديه كعامل توصيل، وكان لديه «روح رجل الأعمال». ويقول موراس إنه شهد أيضاً كيف أعاد الوافدون الأفارقة الجدد إحياء مدينته. وأنه «بسبب نقص العمالة، كانت محال السوبر ماركت لدينا مغلقة تقريباً في عطلات نهاية الأسبوع، وكانت مطاعمنا مغلقة يومين أو ثلاثة أيام في الأسبوع وفي المساء، لكنها الآن هم مفتوحة طوال اليوم، وجميع من يعملون فيها من العمال الأفارقة». ويضم فريق عمل مطعم شيز موراس ستة طهاة، وصلوا أخيراً من بنين وتوغو.

التعامل مع الوحدة

تركت الكاميرونية ميتانجمو نجي (40 عاماً) زوجها وأطفالها في عام 2022 لتعمل طاهية في سلسلة وجبات سريعة في روين نوراندا. وعلى الرغم من أن صاحبة عملها عاملتها هي وأربعة من عمال المطبخ الكاميرونيين الآخرين بشكل جيد، حتى إنها وفرت لها السكن، إلا أن نجي قالت إن البقاء بمفردها أفضى بها إلى «اكتئاب خطر». وتقول: «تركت عائلتي وأطفالي خلفي، وهذا هو أصعب شيء مررت به على الإطلاق». وتعتقد إن العمال المؤقتين يجب أن يكونوا «أقوياء نفسياً» للتعامل مع الوحدة، بينما يتطلعون إلى الوقت الذي يمكنهم فيه الحصول على الإقامة ودعوة عائلاتهم.

لكنها تقول مستدركة إن الأمور تحسنت مع ذلك، وإنه مع الارتفاع السريع في عدد السكان الأفارقة في روين نوراندا، أصبح عدد أعضاء جمعية الكاميرونيين الآن 52 عضواً، مقارنة بـ10 في العام الماضي. يجتمعون مرة واحدة في الشهر لتناول الأطباق الكاميرونية، مثل فوفو مع ندوليه، وهو يخنة السبانخ.

Share


تويتر


This website uses cookies to improve your experience. We'll assume you're ok with this, but you can opt-out if you wish. Accept Read More